قصص بهلول

موضوع: قصص بهلول الإثنين مايو 05, 2008 6:03 am

السلام عليكم

هو وهب بن عمرو، من قرابة الخليفة العباسي هارون الرشيد ومع ذلك من أصحاب الإمام موسى بن جعفر (ع)، وكان ذا مكانة علمية واجتماعية مرموقة.

حاول هارون الرشيد كسب تأييد علماء عصره وإقناعهم بإصدار فتوى بهدر دم الإمام الكاظم (ع)، ومن هؤلاء العلماء البهلول، فذهب البهلول الى الإمام (ع) ليخبره بالأمر ويطلب مشورته للتخلص من هذه الورطة، فأشار عليه الإمام (ع) بالتظاهر بالجنون ليكون في أمان من سطوة الخليفة. وهذا ما حصل فعلا، فقد تظاهر بهلول بالجنون، وكان بهذه الذريعة يطعن ويهزأ بالنظام بلسان الكناية والمزاح.

نقل لنا التاريخ بعض قصص بهلول الطريفة، وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على ذكائه وحكمته وطرافته، لا كما يشاع عن جنونه.

وفي هذا الموضوع سأنقل لكم بعضا من هذه القصص (أحيانا بتصرف غير مخل بالمعنى) على أمل أن تحوز على استحسانكم.

على فكرة لمن يرغب باقتناء الكتاب فما عليه الا الذهاب الى مكتبات بنيد القار (يعني حذفت عصا من ليدز Smile

)، وهذه صورة الغلاف

[img]

[/img]

يتبع

موضوع: رد: قصص بهلول الإثنين مايو 05, 2008 6:14 am

صوت النقود ولونها

دخل رجل فقير مدينة بغداد وأخذ يتجول في أسواقها، وكانت بغداد يومئذ عاصمة أكبر دولة على البسيطة، وكان فيها سوقا عظيما يجد فيه الإنسان كل ما يريد، حتى كانت دكاكين شعبة من السوق الكبير مختصة ببيع الأطعمة بأنواعها، بحيث كان بعض كسبة السوق يأتون كل يوم ليتناولوا الطعام في هذه الشعبة من السوق.

ذهب الرجل الفقير الى هذه الشعبة من السوق وشاهد فيها أنواع الأطعمة فازدادت شهيته ولم يتمكن من مقاومة نفسه (عيل لو شاف عزيمة قلعة القديس جورج ﭽان شسوّى Smile

) مقابل رائحة الطعام الشهي، ومن القدر أنه كان لرجل دكانا في السوق وكان قد عرض طعامه خارج دكانه والبخار يتصاعد من أعلى الطعام، فيأتي بعض الزبائن فيشترون منه، وكان صاحب الطعام يأتي بين الحين والآخر يبيع الطعام ثم يدخل الدكان.

فلما رأى الفقير ذلك وهو لم يملك شيئا من النقود فكر مع نفسه فأخرج قطعا من الخبز اليابس (بس للأمانة ما أدري إيراني أو لبناني Laughing

) الذي كان معه ثم وضعه على البخار المتصاعد من الطعام ليترطب ويأخذ رائحة الطعام، فلما رأى صاحب الطعام - وكان طماعا جشعا- ذلك خرج من الدكان وجاء الى الرجل الفقير مسرعا وطالبه بثمن الطعام، قال الرجل الفقير: (وهل جننت؟ ثم ماذا أعطيك...فهل أعطيتني طعاما؟).

قال صاحب الدكان: (هل تعترف أنك أكلت الخبز اليابس الذي وضعته على بخار طعامي؟).

قال الفقير: (نعم، أكلت خبزي مع بخار طعامك المتصاعد الى السماء).

قال صاحب الدكان: (إني أكتفي منك بأخذ ثمن البخار فقط).

وهكذا ارتفع صوتهما واشتد الشجار بينهما (يعني صارت Smile

)، ومن حسن حظ الفقير أن مر بهلول واستمع الى النزاع بينهما، فقال بهلول لصاحب الدكان: (أتعترف أنه لم يأكل من طعامك بل انتفع ببخاره؟).

قال صاحب الدكان: (نعم، وأنا لم أدع أكثر من ذلك).

قال بهلول: (حسنا، استمع...) ثم أخرج من جيبه نقودا وألقاها في الأرض ثم أخذها وألقاها وهو يقول لصاحب الدكان: (خذ ثمن طعامك).

فلما انتهى بهلول من ذلك، قال له صاحب الدكان وهو متألم: (ما هذا الذي فعلته!).

قال بهلول: (دفعت اليك ثمن طعامك).

قال صاحب الدكان: (كنت أعتقد أنك تحكم بالحق، أي ثمن أعطيتني!).

قال بهلول: (لقد حكمت بالحق، فإن الذي يبيع بخار طعامه ورائحته لا بد أن يكون ثمنه صوت النقود).

لم يتمكن صاحب الدكان أن يتكلم بشيء ورجع الى محل عمله، ثم أعطى بهلول ما كان عنده من النقود الى الرجل الفقير ليشتري بها طعاما ثم انصرف.

موضوع: رد: قصص بهلول الإثنين مايو 05, 2008 2:21 pm

مشكور مولانا على الموضوع

بس عندي استفسار... شنو كان داخل الجدر اللي قاعد يطلع بخار... وهلى الجدر كان جدر ضغط ولا عادي ؟؟؟

بس جذي قاعدين نتشاقه معاكم مولانا

موضوع: رد: قصص بهلول الإثنين مايو 05, 2008 3:31 pm

سلام

ملاحظة بسيطة

"وكان فيها سوقا عظيما" المفروض تكون "وكان فيها سوق عظيم" لأن كان ترفع المبتدأ و يسمى اسمها و سوق اسم كان مؤخر فالمفروض يكون مرفوع مو منصوب

ابتلشنا بالعجم Smile

سلااام عرجاااال
انا بن ناصر - ليدز الإباء

موضوع: رد: قصص بهلول الإثنين مايو 05, 2008 5:37 pm

خوش قصه

ويعطيك العافية على الموضوع الحلوا

موضوع: رد: قصص بهلول الإثنين مايو 05, 2008 8:58 pm

السلام عليكم

اقتباس :: بس عندي استفسار... شنو كان داخل الجدر اللي قاعد يطلع بخار... وهلى الجدر كان جدر ضغط ولا عادي ؟؟؟

حجي حسب آخر اشاعات الدائرة الأولى الجدر كان تيفال إيراني وكانوا يطبخون فيه مارون ﮔﻼسيه Wink

اقتباس :: وكان فيها سوقا عظيما" المفروض تكون "وكان فيها سوق عظيم" لأن كان ترفع المبتدأ و يسمى اسمها و سوق اسم كان مؤخر فالمفروض يكون مرفوع مو منصوب

بعد التدقيق تبين صحة ما ذهبت اليه بس ترى الجملة نقلتها مثل ما إهي من الكتاب، فبدّك ما تواخزنا

اقتباس :: خوش قصه

حاضرين للطيبين

هو إنت لسّه شفت حاجه، بعد في قصص بالطريق

موضوع: رد: قصص بهلول الإثنين مايو 05, 2008 9:09 pm

الله يعطيك ألف عافية على هذه القصة و أنا متأكد من أنك ستصبح محنك بالطباعة بعد ما تعرض كل القصص في المنتدى

(يالله يالله ، إنشاء الله ما عندي غلط باللي كاتبه tongue

)

موضوع: رد: قصص بهلول الأربعاء مايو 07, 2008 4:13 am

وهبتك ما رأيت في المنام

أراد رجل أن يمكر ببهلول – وكان يعرفه ويعرف صفاء نيته وطهارة قلبه – ولعل ذلك هو الذي دعا هذا الرجل الى تنفيذ ما يدور في رأسه من أفكار.

وذات يوم رأى هذا الرجل بهلولا فسلم عليه فرد بهلول السلام.

قال الرجل: ( رأيت البارحة في المنام رؤيا عجيبة).

قال بهلول: (خيرا إن شاء الله، وماذا رأيت؟).

قال الرجل: (رأيت كأنك وهبتني مائة دينار من الذهب).

علم بهلول بما يدور في نفس الرجل، فضحك قليلا وقال: (نعم، الأمر على ما وصفت، لكني لا أريد أن أسترد ما وهبته إياك في المنام).

خجل الرجل وانصرف، لكنه علم أن لبهلول عقلا أكبر من عقله وأكثر إدراكا.

موضوع: رد: قصص بهلول الأربعاء مايو 07, 2008 3:18 pm

سلام عليكم

احسنت عمي, لا يوقف

سلام عرجااال
انا بن ناصر - ليدز الإباء

موضوع: رد: قصص بهلول الأربعاء مايو 07, 2008 3:55 pm

أحسنت حجي

موضوع: رد: قصص بهلول الجمعة مايو 09, 2008 5:14 am

كلب الصيد

كان والي الكوفة مضربا للمثل بين الناس في البخل، لكن لم يجرأ أحد أن يقول له ذلك.

وذات يوم كان الوالي مرتاح البال فأخذ يبحث عن شيء يلهى به، فصمم أن يدعو بهلولا الى القصر، لذا أمر نفرا من الحرس ليأتوه ببهلول.

ذهب الحرس في طلب بهلول وجاءوا به الى قصر الوالي، فلما وقع نظر الوالي عليه فتح معه حديث المزاح لكنه في كل مرة كان يسمع جوابا صارخا من بهلول، بحيث كان أصدقاء الوالي يضحكون في قلوبهم على ما صار يعاني منه الوالي من أجوبة بهلول.

أراد الوالي التخلص من بهلول بشكل من الأشكال بحيث يجعل بهلول يغادر بنفسه القصر، فقال له الوالي: (سمعت بأنك تعرف الكلاب جيدا).

قال بهلول: (لعل الأمر كذلك، فهل معرفة الكلاب تقدم خدمة للوالي؟).

قال الوالي: (أنت تعلم بأني أحب الصيد كثيرا، لذا أريد منك أن تبحث لي عن كلب جيد للصيد).

قال بهلول: (سوف أفعل ذلك).

قال الوالي - وهو يريد من بهلول الإنصراف بسرعة -: (نعم تستطيع البحث عنه من الآن).

قال بهلول: (حسنا، سأذهب ثم أعود بعد أيام مع الكلب الذي أردته).

وبعد أيام جاء بهلول ومعه كلب سمين جدا الى قصر الوالي وهو يجر به، فلما رآه الوالي صاح به بغضب: (هل جننت؟).

أجابه بهلول بسكينة (لا يروح تفكيركم بعيد مو ﺴﭽﻴﻨﺔ): (ولماذا أجن؟).

أشار الوالي بيده الى الكلب وقال: (هل تعرف صفات كلب الصيد؟).

قال بهلول: (نعم، أعرف ذلك).

صاح به الوالي وقال: (فما هي صفاته؟).

قال بهلول: (لابد أن يكون كلب الصيد نحيفا وخفيفا ليتمكن من افتراس صيده بسرعة).

قال الوالي: (إن مما يدعو للأسف أنك تعلم ذلك، ومع ذلك جئتنا بكلب سمين).

فأجابه بهلول: (لا تغضب يا حضرة الوالي، إنك مع البخل المعروف عنك بين الناس ستجعل من هذا الكلب كلبا للصيد في إسبوع واحد لما سيبلغ من الهزالة والضعف بحيث لا يقاس به كلب صيد آخر).

ولما نظر الوالي الى من حوله وقد كانوا يؤيدون كلام بهلول برؤوسهم، صاح بهم الحاكم: (هل تعرفون عني البخل؟).

أجابه الحاضرون في القصر بأجمعهم من حيث لا يشعرون: (بلى يا مولاي).

صاح بهم بغضب: (ثكلتكم أمهاتكم)، ثم انصرف عنهم لكي لا يرى منهم الهمز واللمز بسبب ما حدث.

يعني الوالي كان يبي يمسخر بهلول لكنه اتمسخر Smile

موضوع: رد: قصص بهلول الأحد مايو 11, 2008 3:01 am

بهلول مع الناس

وقف بهلول يوما في ساحة بغداد فاجتمع حوله خلق كثير ثم صعد على مرتفع وقال: (أيها الناس، هل تعلمون ما الذي أريد أن أكلمكم به؟).

أجابوه جميعا بصوت واحد: (كلا، لا نعلم ذلك).

قال بهلول: (ماذا أقول لكم وأنتم لا تعلمون؟) ثم نزل وانصرف.

وفي اليوم التالي ذهب الى نفس المكان الأول وصعد على المرتفع فاجتمع حوله الناس، فقال: (أيها الناس، هل تعلمون ما الذي أريد أن أقوله لكم؟).

أراد الحاضرون ألا يجيبوه بجواب اليوم الأول، فقالوا: (نعم، نعلم ما تريد أن تقول).

فقال لهم: (إن كنتم تعلمون ذلك، فما الحاجة الى قولي، وماذا أقول لكم؟)، ثم نزل وانصرف.

وفي اليوم الثالث اجتمع حوله الناس وصعد فيهم ثم قال: (هل تعلمون اليوم ماذا أريد أن أقول لكم؟).

انقسم الحاضرون -بعد مشورة بينهم- الى فريقين, فريق قال: (نعلم ما تريد أن تقول)، وفريق آخر قال: (لا نعلم).

قال بهلول: (حسنا، فليخبر الذين يعلمون ماذا أريد أن أقول للذين لا يعلمون)، ثم نزل وشق طريقه منصرفا.

موضوع: رد: قصص بهلول الأحد مايو 11, 2008 3:52 am

السلام عليكم...............أما بعد:
أحسنت طالب على هالقصص الجميلة.

موضوع: رد: قصص بهلول الأحد مايو 11, 2008 4:00 am

السلام عليكم

اقتباس :: أحسنت طالب على هالقصص الجميلة

وأنت يا بو عبد الله

حاضرين للطيبين

إحنا ﭽﻡ بو عبد الله عندنا Smile

موضوع: رد: قصص بهلول الأحد مايو 11, 2008 12:10 pm

شنه واحد من الشباب ، ما تاخذ منه حق ولا باطل rabbit

موضوع: رد: قصص بهلول الأحد مايو 11, 2008 9:39 pm

أحسنت طالب على هالقصص الجميلة

موضوع: رد: قصص بهلول الأربعاء مايو 14, 2008 3:00 am

سجود الموجودات

سافر بهلول الى البصرة فاستأجر غرفة في بيت قديم فيها، كانت أجواء البصرة تلك الأيام متغيرة، فقد كان الهواء فيها عاصفا.

ذهب بهلول الى غرفته ليستريح فيها لكن الهواء صار يضرب بالباب، أطبق بهلول جفنيه وحاول أن ينام لكنه بقي ساعة على الفراش يقظا لأن صوت وأزيز الهواء أخذ يشتد في كل لحظة بحيث سلب النوم من عيني بهلول.

نهض بهلول ليتأكد من قفل الباب وفيما إذا كان الشباك باق في موضعه أم لا؟ فوجدهما ساكنين ولم يكن الصوت منهما.

وقف بهلول في زاوية من الغرفة وأخذ يستمع جيدا فعلم أن الصوت صادر من الأعمدة الخشبية لسقف الغرفة، وكان الصوت يهدد بوقوع حادثة مرعبة.

أسرع بهلول الى الباب وفتحه فدخل الهواء –وكان شديدا جدا- الى الغرفة، نادى بهلول صاحب الدار كرارا فلم يجبه أحد، كرر بهلول مناداة صاحب الدار بصوت عال فلم يسمع من أحد جوابا.

لم يكن يعلم بهلول غرفة صاحب الدار لأن الغرف كانت عديدة ومحيطة بالدار وفي كل واحدة منها جماعة من المستأجرين.

حاول بهلول أن ينادي مرة أخرى لكنه سمع أن باب احدى الغرف قد انفتح وخرج منها صاحب الدار وهو غضب ومتكدر من صوت بهلول الذي أزعجه، فقال: (ما الذي حدث لك حتى أخذت تصيح وسط الدار؟).

أشار بهلول الى غرفته وقال: (غرفتي، إن أعمدتها الخشبية تصدر صوتا رهيبا).

وضع صاحب الدار فانوسا كان بيده على الأرض ثم سأل بهلولا: (لم أفهم ما أردت؟ ماذا تقول؟).

قال بهلول مرة أخرى: (أخاف أن تنكسر أعمدة سقف غرفتي وتسقط على رأسي).

فهم صار الدار ما أراده بهلول لكنه أحب المزاح معه، فقال: (يا حضرة الشيخ، لا ينبغي لك أن تخاف من هذا الصوت لأنك مؤمن موحّد لله تعالى).

قال بهلول بكل سكينة وهدوء: (أخي العزيز، ما علاقة الإيمان والتوحيد بخراب السقف وسقوطه؟).

كان صاحب الدار يتصور أن بهلولا رجل بسيط ويمكن خداعه، فقال: (يا حضرة الشيخ، إن جميع الموجودات تسبّح لله وتذكره، وأعمدة غرفتك الخشبية أيضا مشغولة بالتسبيح والذكر، وهذا الصوت الذي تسمعه هو صوت تسبيحها وذكرها لله).

تبسم بهلول وقال: (لقد صدقت، لكن حيث أن بعد كل ذكر سجود، فإني أخاف من أن تخر هذه الأعمدة ساجدة لله، فالأفضل أن تجد لي حلا).

فلما سمع صاحب الدار جواب بهلول عرف أنه رجل ذكي ولا يمكن خداعه، فصمم أن يعطيه احدى الغرف الأخرى في الدار.

موضوع: رد: قصص بهلول الجمعة مايو 23, 2008 5:34 pm

هواي رائعة القصة حجي

كثر القصص Very Happy

موضوع: رد: قصص بهلول السبت مايو 24, 2008 12:38 am

العمل لوجه الله تعالى

مر البهلول يوما بمسجد – لم يتم بناؤه بعد – في محلة من محال بغداد ليطلع على بنائه، فلما رأى المسجد لم يكترث بشكل بنائه وزخرفة جدرانه وسقفه وقبته، وكأنه كان يخبيء شيئا في نفسه، ثم نظر من خارج المسجد الى لوحة خشبية كبيرة معلقة عل جدار المسجد مكتوب عليها: مسجد الشيخ جمال.

والشيخ جمال هذا، رجل يحب الشهرة ويحب أن يطلع الناس على أفعال البر التي كان يقوم بها، وكان بهلول يعرف ذلك تماما.

غرق بهلول في تفكيره بالمسجد ولوحته وإذا به قد أحس بثقل يد على كتفه، فلما التفت خلفه رأى الشيخ جمال مبتسما وقد حدّق النظر اليه، فابتدره بهلول قائلا: السلام عليكم. رفع الشيخ جمال يده عن عاتق بهلول وأجابه مبتسما: وعليكم السلام.

قال البهلول: إنه مسجد كبير حسن البناء.

خطا الشيخ جمال خطوة الى الأمام وساير بهلولا ثم قال: أسأل الله القبول.

قال بهلول – وكأن شيئا قد لفت نظره- : أريد أن أسألك عن شيء الا أني لا أدري أسألك عن ذلك أم لا؟

قال الشيخ: لا بأس عليك، سل فإني أرجو أن أملك لسؤالك جوابا مقنعا.

حرّك بهلول رأسه وقال: طبعا، هو كذلك، الا أنه بعد ذلك مكث قليلا ثم قال: لمن بنيت هذا المسجد؟

لم يكن الشيخ جمال يتوقع مثل هذا السؤال، ومكث يفكر قليلا فخطر على ذهنه أن بهلولا رجل مجنون، ولا ينبغي العجب من المجنون أن يسأل مثل هذا السؤال، فأجابه قائلا: وهل يكون بناء المسجد لغير الله؟

قال البهلول: نعم، الأمر كما تقول، لن يدع الله عملك بلا أجر، إنه لن ينسى أجر ذلك أبدا.

لم يتكلم الشيخ جمال بعد ذلك بشيء لأنه لم يفهم ماذا يريد منه البهلول بالضبط، لذا أخذ يخطو خطوات قصيرة لكن متواصلة حتى ابتعد عن بهلول.

وفي صباح الغد علا صوت الشيخ جمال بالصياح أمام المسجد وهو يقول: أيها الناس، اشهدوا على ما قام به بهلول، إنه يدعي تملك هذا المسجد!

وكان الحق في ذلك مع الشيخ جمال، فإن اللوحة الخشبية مكتوب عليها "مسجد بهلول"، لذا أصاب الشيخ جمال الدوّار في رأسه من شدة الصدمة، وبحّ صوته من كثرة الصياح، ذلك أنه لم يخطر على باله يوما أن شخصا مثل بهلول يأتي ويكتب اسمه على لوحة المسجد الذي بناه الشيخ، فكيف تجرأ بهلول على مثل هذا العمل؟ لكن مع ذلك فقد كان الشيخ يخبيء لهيب غضبه ويهديء نفسه بما يخطر على باله بأن بهلولا رجل مجنون، لكن سرعان ما يجيب به نفسه فيقول: إن للجنون حدا، ألا يعلم الناس من بنى المسجد، فقد سمعنا كل ما يصدر من المجانين الا مثل هذه الأعمال.

اجتمع عمال بناء المسجد حول الشيخ جمال ليستمعوا ما يقول، وإذا به صاح بصوت عال وغضب: هلمّوا بنا نبحث عن بهلول كي نعطيه درسا لا يتجاسر بعده على حقوق الآخرين. ذهب مسرعا وتبعه بعض عمّال البناء الذين كانوا يتحينون الفرصة للهرب من العمل قائلين للشيخ: نحن نأتي معك يا شيخ للبحث عن بهلول.

توجّه كل منهم الى جهة، فلم يستغرق البحث عن بهلول أكثر من ساعة حتى عثروا عليه، فجاؤا به الى المسجد، وكان يسبقهم في ذلك الشيخ جمال الذي استولى عليه الغضب، فلمّا واجه الشيخ جمال بهلولا وجها لوجه، وقد كادت عيناه تخرجان من الحدقتين – صاح بصوت عال - : أيها المجنون، ما حملك على ما فعلت؟

يتبع

موضوع: رد: قصص بهلول السبت مايو 24, 2008 12:46 am

تتمة القصة السابقة

نظر بهلول الى من حوله وقال بسكينة: وماذا فعلت؟

حدّق الشيخ جمال بوجه بهلول وقال: إنك لن تجرؤ على الإعتراف بذنبك أمام الملأ، أليس كذلك؟

أجاب بهلول – وكأنه لا يعلم شيئا - : وهل أذنبت؟ وما هو ذنبي؟

تضاحك الشيخ جمال والغضب قد استولى عليه، فأشار بيده الى لوحة المسجد وقال: وهل يجرؤ غيرك على كتابة إسمه على لوحة مسجد بناه غيره؟

القى بهلول ببصره الى لوحة المسجد ثم صرف بصره كأنه لم ير شيئا ذي بال وقال بهدوء: إن كنت تريد بذلك هذا – وأشار الى اللوحة – فإني فعلته.

أخذ غضب الشيخ يزداد لحظة بعد أخرى حتى صاح ببهلول: هل أنت من بنى المسجد لتكتب إسمك عليه؟

رفع بهلول رأسه – مرة أخرى – الى لوحة المسجد وأجاب: إني لم أبن هذا المسجد لكني كتبت إسمي عليه.

أمسك الشيخ جمال بهلولا من تلابيبه والتفت الى الحاضرين وقال: انظروا، إنه يعترف بذنبه، إنه اعترف.

ارتفع صوت الحاضرين بالكلام، فكل منهم تراه يقول شيئا، لكن بهلول لم يرعوي لكلامهم، ثم أشار اليهم بيده أن اسكتوا، فسكتوا وسكت الشيخ جمال، وتجددت لبهلول الجرأة على رد الشيخ وقال: أيها الشيخ، أسألك عن شيء، أحب أن تصدقني فيه.

قال الشيخ: ولماذا الكذب.

قال بهلول: بالأمس التقيت بك في هذا المكان وتكلمنا قليلا، ثم سألتك: لمن بنيت هذا المسجدّ؟ قلت: أريد به وجه الله تعالى.

قال الشيخ: واضح وجه من أريد ببنائه، فقد قلت بالأمس واليوم أكرر وأقول: إني أردت بذلك وجه الله.

تبسم بهلول وقال بصوت عال: تقول الله! فهل الله يعلم بأنك أردت وجهه أم لا؟

أجاب الشيخ بغضب: ومع أني لا أرغب في إطالة الكلام معك، أقول نعم، إن الله تعالى يعلم بذلك، كي لا تكون لك الحجة علي عند القاضي.

سكت بهلول هنيئة ليلفت بذلك الأنظار اليه ثم قال: أيها الشيخ، إن كنت قد بنيت المسجد لله فلا ضير عليك أن يكون بإسمك أو بإسم غيرك، لكن إعلم أنك قد أردت بذلك وجه غير الله، نعم أردت به الشهرة، فقد أحبطت بذلك أجرك.

كان كلام البهلول يحمل على طيّاته حقيقة مرّة أيقظت الشيخ جمال من نوم الغفلة، فماذا عليه بعد ذلك أن يقول؟

لقد ألجم بهلول الشيخ بذلك فأسكته، واستحسن الحاضرون جواب البهلول، ولم يتكلم أحد بعده بشيء.

قال البهلول – وهو يمشي مشيا تقاربت خطاه – للشيخ جمال: أريد أن أرفع اللوحة التي تحمل إسمي من على المسجد.

أراد الشيخ أن يقول شيئا لكن الكلمات تلكّأت على شفتيه فسكت.

خطا البهلول خطوات نحو اللوحة لكنه رجع والتفت الى الحاضرين قائلا: أردت بذلك الكشف عن الحقيقة، وهي أن تعلموا أن العمل إن كان لوجه الله تعالى فلا يضركم ما يكون رأي الناس فيه ما دام الله هو المطلع على حقائق الأمور. ثم انصرف ليرفع اللوحة التي كتبها بإسمه.

موضوع: رد: قصص بهلول السبت مايو 24, 2008 4:02 am

سلام عليكم

احسنت, نسأل الله ان تكون اعمالنا كلها خالصة لوجهه

سلااام عرجااال
انا بن ناصر - ليدز الإباء